لا علم بعد العلم بالله وصفاته، أشرف من علم الفقه وهو المسمى بعلم الحلال والحرام، وعلم الشرائع والأحكام، له بعث الرسل وأنزلت الكتب، إذ لا سبيل لمعرفته بالعقل المحض دون السمع. ويكمن فضل علم الفقه بأنه لا غنى للمسلم عنه، إذ يتميز به الحلال عن الحرام والواجب عن المندوب، والصحيح عن الفاسد وغيرها من الأحكام الشرعية، فهو حد فاصل بين الهداية والضلال، وقسطاس مستقيم لمعرفة مقادير الأعمال ولذا فالفقه تراث فاخر لهذه الأمة تستعلي به عن الأحكام الوضعية في إصلاح شؤونها الدينية والدنيوية.

   هذا ودراستنا للفقه في هذا السداسي، ستكون محصورة في فقه العبادات في المذهب المالكي فقط، وعليه سنتكلم أولا عن تاريخ الفقه الإسلامي عموما لنصل إلى طوره في المذهب المالكي خصوصا، ومنه نعرج للتفصيل في أحكام فقه العبادات المتعلقة ببابي الطهارة والصلاة وفق هذا المذهب.