درس : التعريف والتنكير

 

التنكير(النكرة): مصدر الفعل نكر ينكر تنكيرا مشتق من النكرة. و يعني: خلاف التعريف، و هو خاصية من خصائص الأسماء، أي أن الأسماء تقسم باعتبار التنكير و التعريف إلى معارف و نكرات، و النكرة أصل و المعرفة فرع عليها.

علامة النكرة: هو قبول الاسم لـ"رُبَّ" نحو: رجلٌ و امرأةٌ، فتقول: رُبَّ رجل و رُبَّ امرأة.

و استدل النحاة على وقوع "من" و "ما" نكرتين بدخول رُبَّ عليهما نحو قول الشاعر سويد بن حارثة الذبياني (شاعر مخضرم):

           رُبَّ من أنضجَتْ غيْظا قلبَهُ                 قد تمنى لي موْتاً لم يُطِع

و قول آخر:

               لا تضيقَنَّ بالأمور فقد           تُكشَفُ غَمَاؤُها بغير احتيال

               رُبَّما تكرهُ النفوسُ منَ           الأمرِ له فَرْجَةٌ كحَلِّ العِقال

و السؤال: هل تدخل رُبَّ على النكرات فقط؟

الجواب: الغالب في رُبَّ دخولها على النكرات لكن قد تدخل على الأسماء المعارف كالضمير شذوذا نحو قول أحدهم:

                    رُبَّهُ فتْيةً دعوتُ إلى ما            يورِثُ المجدَ دائِبا فأجابوا  

و قد علق بعضهم على أن الضمير في هذا الشاهد "نكرة، و ذلك لأن الضمير راجع إلى ما بعده من قولك "فتية"، و فتية نكرة. و هذا رأي الكوفيين و لم يرجحه ابن مالك، فالضمير أصاله معرفة[1].

التعريف (المعرفة): مصدر الفعل عرَّفه يعرِّفه تعريفا و معرفة، اسم من العِرْفَان و فعله عرفته، عِرْفانا إذا علمته بحاسة من الحواس الخمس. و هي خاصية من خصائص الأسماء مثل: رجلٌ، الرجلُ.

علامة المعرفة: عدم قبول الاسم المعرفة لـ"رُبَّ".

و المعارف أنواع : حدد ابن هشام المعارف في ستة أنواع: الضمير، العلم، اسم الإشارة، الإسم الموصول، الإسم المحلى بـ"أل".و الإسم المحلى بالإضافة:

        • الضمير: يعد الضمير أعرف المعارف بعد لفظ الجلالة و هو مذهب أهل البصرة، و يسميه الكوفيون: الكناية (أو المكني)، و هو ما دل على متكلم نحو: أنا و نحن أو مخاطب: أنت، أنتما، أو غائب نحو: هو و هي و هما.

* هل الضمير مشتق؟ : الضمير اسم جامد يدل على المتكلم أو المخاطب أو الغائب.

* ما حكم الضمير؟ : حكم الضمير البناء لعلة شبهه بالحرف.

* ما الفرق بين الضمير و الكناية أو المكني؟ : هما اسمان بمعنى واحد. فالضمير تسمية البصرة و الكناية أو المكني تسمية الكوفيين و من تبعهم.

* ما هي أنواع الضمائر؟ : قسم النحاة الضمير باعتبارات مختلفة إلى:

    - باعتبار التكلم و الخطاب و الغيبة  إلى:

              1- ضمير المتكلم: "أنا" و "نحن" : نحن المسلمون، أنا يوسف.

              2- ضمير المخاطب: أنت و أنتِ، أنتما و أنتم و أنتن.

              3- ضمير الغائب: هو، هي، هما، هم، هن : {إنا أنزلناه}.

   - و باعتبار الانفصال و الاتصال إلى:

              1- ضمائر منفصلة: إياني، إياك، إياه، إياها، إياهما، إياهم، إياكن، إياهن، إياكما، إيانا،  إياكِ.

              2- ضمائر متصلة: ضربت، ضربتِ، ضربها ... و عددها اثنى عشر ضميرا.

  و تقسم هذه الأخيرة باعتبار موقع الإعراب إلى:

أ‌)       ضمائر تأتي في محل رفعٍ: كألف الاثنين، و تاء التأنيث، و واو الجماعة، و نون النسوة، و ياء المخاطبة.

ب‌)  ضمائر تأتي في محل نصبٍ أو جر: و هي الهاء : {إذ قال له صاحبه(مضاف إليه) و هو يحاوره(م إليه)}.

     - ضمير الشأن: نحو هو و هي زيد قائم أي الشأن و القصة فإنه مفسر بجملة بعده، فإنها نفس الحديث و القصة، و منه قوله تعالى: {قل هو الله أحد}، فـ"هو" ضمير الشأن واقع مبتدأ و "الله أحد" جملة مفسرة له واقعة خبر.

و قوله تعالى: {إنها لا تعمى الأبصار}، "ها" ضمير القصة أو الشأن واقع اسم إن، و "لا تعمى الأبصار" جملة مفسرة لـ"ها" واقعة خبر لإن.

·        العلم: و هو النوع الثاني من المعارف. و العلم نوعان:

        - علم شخص: و هو ما عيَّنَ مُسَمَّاهُ بغير قيد (الضمير و غيره)، نحو: زيد، فاطمة، أي ما يراد به واحد بعينه.

        - و علم جنس: حكمه حكم النكرة في المعنى فلا يخص واحدا بعينه، فكل أسد يصدق عليه أسامة.

و ينقسم العلم (الشخص) إلى: اسم شخص كزيد و أسامة، و إلى لقب. و هو ما أشعر برفعة: كزين العابدين أو بضعة: كبطة. و إلى كنية: و هو ما بدئ بأب و أم: كأبي بكر، و أم عمرو.

و إذا اجتمع الاسم و اللقب قدم الاسم على اللقب، إلا فيما اشتهر كقوله تعالى: {إنما المسيح عيسى ابن مريم}.

·        اسم الاشارة: (الاسم المبهم)

تعريفه: هو ما دل على مسمى بقرينة الاشارة أي بقيد الاشارة، نحو: "هذا" و "هذه" أو "هته". فـ"هذا" دل على ذات زيد أو عمرو بقرينة الاشارة إلى تلك الذات، و كذا "هذه".

 ـ أنواع أسماء الاشارة: قسم ابن هشام أسماء الاشارة إلى خمسة أصناف:

1-    ما يستعمل للمذكر المفرد: كـ"هذا" و أصله "ذا" و "ها" للتنبيه زائدة، نحو قوله تعالى: {أنا يوسف و هذا أخي} يوسف/90.

2-    ما يستعمل للمؤنثة المفردة: كـ"هذه" و "هته" و الأصل: "ذه" و "ته"، نحو قوله تعالى: {قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ...} يوسف/65.

3-    و ما يستعمل لتثنية المذكرين: كـ"هذان": إن هذان لساحران.

4-    و ما يستعمل لتثنية المؤنثين: "هاتان" و الأصل "تان".

5-    و ما يستعمل لجمع المذكر و المؤنث: هؤلاء/ هؤلا بالقصر لغة لبني تميم، و أولئك، و أولاء، و أولالك، و أولاك. نحو قوله تعالى: {و أولئك هم المفلحون} البقرة/5.

و قوله: {هأنتم أولاء تحبونهم و لا يحبونكم} آل عمران/119.

و قوله: {هانتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم} آل عمران/66.

و قد تترك لام أولالك وجوبا فنقول: أولاك أو أولئك[2].

 

·        الاسم الموصول:  

و هو رابع الأسماء المعرفة. و تعريفه: الاسم الموصول هو الاسم الذي يفتقر إلى صلة تنزيل ابهامه، و هذه الصلة تكون إما جملة فعلية أو اسمية أو شبه جملة.

- مثال صلة الموصول جملة خبرية فعلية، قوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا} الاسراء/1. فـ"أسرى بعبده ليلا" جملة خبرية فعلية واقعة صلة للذي و هي لا محل لها من الإعراب.

- و قولنا: جاء الذي أبوه قائم، فـ"أبوه قائم" جملة اسمية خبرية واقعة صلة للذي لا محل لها من الإعراب.

 

 

 

- مثال صلة الموصول شبه جملة بنوعيها:

      أ) ظرفية: نحو قوله تعالى: {و له من في السماوات و الأرض و من عنده لا يستكبرون عن عبادته} الأنبياء/19. فـ"و من عنده لا يستكبرون" : عنده: صلة الموصول "من" لا محل لها من الإعراب.

     ب) شبه جملة من الجار و المجرور: نحو قوله تعالى: {و له من في السماوات و الأرض}، شبه جملة صلة موصول لـ"من" لا محل لها من الإعراب.

و تنقسم الأسماء الموصولة إلى ستة أقسام باعتبار الإفراد و التذكير و التأنيث و التثنية و الجمع.

1-    قسم المفرد المذكر: "الذي" و تستعمل للعاقل و غيره، فمثال العاقل: "الذي" في قوله تعالى: {و الذي(الرسول،عاقل) جاء بالصدق} الزمر/33.

و مثال غيره: {هذا يومكم الذي(غير عاقل) كنتم توعدون} الأنبياء/103.

2-    قسم المفرد المؤنث: "التي" و تستعمل للعاقلة و غيرها.

فمثال العاقلة قوله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} المجادلة/1.

و مثال غير العاقلة قوله: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي(بيت المقدس) كانوا عليها} البقرة/142.

3-    المثنى المذكر: اللذان.

4-    المثنى المؤنث: اللتان.

5-    الجمع المذكر: الذين و الألى، للعاقل و غير العاقل:

                         نحن الألى فاجمع جمو              عك ثم وجههم إلينا.

                         تهيجني للوصل أيامنا الألى          مررن علينا و الزمان وريف.

6-    الجمع المؤنث: اللائي و اللاتي، بإثبات الياء و حذفها "اللاء" أو "اللات": و قرئ

{واللئي يئسن} الطلاق/4. "و اللاء يئسن".

7-    و من الموصولات العامة: "من" و "ما" و "ذو" الطائية، و "ذا" بشرط أن تسبق بـ"ما"، كما في قوله تعالى: {ماذا أنزل ربكم} النحل/30. أي ما الذي أنزل ربكم.

أو من ذا قالها؟ أي من الذي قالها.

و "أل" الداخلة على اسم الفاعل و اسم المفعول ، مثال ذلك قوله تعالى: {فالمغيرات صبحا، فأثرن ..} العاديات/3-4. و التقدير فاللاتي أغرن فأثرن.

 

·        الاسم المحلى بـ"أل" العهدية أو الجنسية:

تدخل "أل" على الاسم النكرة و تكون فيه إما عهدية أو جنسية،

- مثال "أل" العهدية : مصباح/ المصباح. قال تعالى:{فيها مصباح المصباح في زجاجة} النور/35. فالمصباح: أل فيها للعهد، لأنه ذكر قبل مصباح.

- مثال "أل" الجنسية: و تكون إما استغراقية كما في قوله تعالى:{و خلق الإنسان ضعيفا} النساء/28. و نحو: ذلك الكتاب. الكتاب هو كل الكتب و إما لخصائص الجنس: زيدٌ الرجل.

أي الرجل الذي اجتمعت فيه صفات الرجال المحمودة.

و آخر المعارف الاسم المضاف، و قد تحدثنا عنه بالتفصيل في درس المجرورات بالإضافة.

  

 

 

 



[1]  اقرأ هذه المسألة في شرح شذور الذهب لابن هشام ص 127.

[2]  ارجع إلى شذور الذهب ص 134.