الحروب الصليبية هي سلسلة من الحروب التي شنتها أوروبا الغربية المسيحية باسم الصليب ضد المسلمين في المشرق والمغرب الإسلاميين، مدعية في ذلك انقاذ بيت المقدس وقبر المسيح وكنيسة القيامة من سيطرة المسلمين. وكانت عملية الشحن الديني المسيحي ضد المسلمين هي المحرك الذي وُظِّف في التحريض وتجييش الجيوش وتأليب الرأي العام الغربي لاستدرار الأموال والرجال وتوظيفهم وقودا لهذه الحروب التي دامت اصطلاحيا أكثر من قرنين.

أما الدوافع الكامنة وراء هذه الحروب المتواترة فإنها تنفيس عن القلق المفزع الذي سيطر على النفسية الغربية، واستجابة متأخرة لتحد حقيقي فرضه المسلمون على الغرب الأوربي خلال أربعة قرون، وكان هذا التحدي كما يتصوره الغربيون مهددا لدينهم المسيحي وتاريخهم وجغرافيتهم، بعد أن تمت إزاحتهم عن أقاليم امتلكوها قرونا ولم يخطر على بالهم أنهم غادروها إلى الأبد.

كان الغرب الأوروبي ينظر للمسلمين كيف استطاعوا اكتساح مساحات شاسعة كانت تعد من مستعمراتهم القديمة، وكيف اعتنقت هذا الدين الجديد شعوبٌ كانت تحت سيطرتهم، ولم يأت عليها إلا حين من الدهر حتى ظهرت فيهم علامات النجابة العسكرية والعلمية، وتأسست بهم دول أصبحت لها سيادة الدنيا، فبعد ما كانت شعوب الشام ومصر وشمال افريقية تحت السيطرة البيزنطي، أضحت وفي وقت وجيز نسبيا تدين بالإسلام وفي عداد الأقاليم الإسلامية، كما تمت عملية إجلاء الفرس من العراق، وأضحت المنطقة برمتها تحت السيادة الإسلامية.